قرر جمال هلال - الذي عمل لمدة 19 عاما في خدمة رؤساء ووزراء أميركيين، كمترجم فوري إلى العربية - ترك منصبه الخميس ليتفرغ إلى شركة استشارية خاصة أسسها بنفسه.
وقال هلال المصري الأصل، والذي قدم خدمات الترجمة الفورية لأربعة رؤساء و6 وزراء خارجية أميركيين في تصريحات بعد ترك منصبه في وزارة الخارجية الأميركية: "لقد تشرفت بخدمة كثير من الرؤساء ونواب الرئيس والوزراء.. ولكن كل شيء يجب أن ينتهي لإفساح المجال لبدايات جديدة".
ويعد هلال، المولود في مدينة أسيوط بصعيد مصر عام 1954، أحد الثوابت في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط على مدى السنوات الـ19 الماضية، وقدم خدمات الترجمة المباشرة إلى الرؤساء جورج بوش، وبيل كلينتون وجورج دبليو بوش، وأخيرا باراك أوباما، وكان له مقعد رئيسي على أي طاولة في معظم قمم السلام الكبرى، في مدريد أكتوبر 1991، وأوسلو سبتمبر 1993، وواي ريفر بالولايات المتحد (1998) ومحادثات كامب ديفيد عام 2000، وأصبحت له قدم ثابتة في وزارة الخارجية، وأخرى في البيت الأبيض.
وكان غالبا ما يعمل خارج إطار عمله كمترجم، فقد أصبح أحد كبار مستشاري الشرق الأوسط لجميع الرؤساء الذين عمل معهم، وعندما سئل هلال عن توقعاته بالنسبة لاحتمالات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لوى شفتيه قبل أن يمضي في سبيله ويغادر الخارجية الخميس الماضي.
ويعتبر جمال هلال الذي كان يعمل في وظيفة "كبير المترجمين الدبلوماسيين" داخل الإدارة الأميركية، مخزنا متحركا من الأسرار السياسية، حيث حضر خلال عمله كمترجم خاص للرئيس الأميركي، مئات اللقاءات والاجتماعات والجلسات المغلقة خلال فترات 4 رؤساء للولايات المتحدة الأميركية وستة وزراء خارجية وخمسة وزراء دفاع.
وكان دائما هو "لسان" الرئيس الأميركي، نقل عنه قرارات صنعت تاريخا وغيرت مجرى الأحداث وقادت إلى حروب وإلى مفاوضات سلام، فقد كان حاضرا في قرارات الحرب لتحرير الكويت مع جورج بوش الأب، وفي قرار الحرب في العراق مع جورج بوش الابن، وبينهما كان مشاركا دبلوماسيا في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مع الرئيس بيل كلينتون. ومع كل رئيس له ذكريات خاصة وأسرار، وعلاقة تخرج عن الإطار المهني إلى إطار الصداقة والدعوة لزيارات خاصة.
وروى جمال هلال في حوار أجرته معه صحيفة "الشرق الأوسط" قبل أعوام، رحلته من مصر إلى الولايات المتحدة، في بداية السبعينات للدارسة وعلاقته الخاصة جدا بكل رئيس والجانب الآخر الذي لا يعرفه الناس عن هذا الرئيس.
فقد ولد هلال في أسيوط عام 1954، وتخرج في كلية الزراعة، لكن فكرة الهجرة تولدت لديه في المرحلة الإعدادية والثانوية.
يقول إن حلمه كان أن يعمل في منظمة الأمم المتحدة، وبعد تخرجه عام 1976 سافر إلى الولايات المتحدة، حيث بدأ حياته الدراسية والمهنية، وحصل على دبلوم في الدراسات الدولية ثم ماجستير من ولاية فيرمونت في التواصل بين الحضارات.
يقول هلال: "كانت تلك الفترة أصعب فترات حياتي، أتذكر أنني خلال خمس سنوات لم آخذ يوما واحدا إجازة من الدراسة والعمل، عملت في كل الأشغال التي يمكن تخيلها؛ في الحدائق والمطابع والمخيمات، وعملت كمشرف على مبنى في المدينة الجامعية التي أسكن فيها حتى أسدد مبلغا أقل للسكن الجامعي، وكان بإمكاني أن أبدأ حياتي لدى أسرة عمي الذي يقيم في الساحل الغربي في كاليفورنيا، وأنا في الساحل الشرقي، لكني فضلت أن أتحمل المسؤولية بالكامل بالنسبة للدراسة والإعاشة".
وعن بداية العمل في الخارجية يقول: "عملت بعد ذلك في بداية الثمانينات مع زوجة الرئيس جيمي كارتر في برنامج التبادل الثقافي بين مواطني الولايات المتحدة والدول الأخرى، واقترح عليّ أحد الأصدقاء التقدم للعمل في وزارة الخارجية الأميركية، رغم أن تفكيري آنذاك كان منصبا على العمل في الأمم المتحدة. لكنني تقدمت للعمل في مجال الترجمة الشفهية، إذ إن هناك نوعين من الترجمة، الكتابية للوثائق والأوراق، والشفهية الخاصة بالاجتماعات واللقاءات.
ويتذكر أن أول يوم قام فيه بالترجمة للرئيس بوش الأب، أثناء إلقائه خطابا نقلته إذاعة "صوت أميركا".
وقال: "عندما بدأت مع الرئيس بوش كنت مترجما "دبلوماسيا" فقط، وهي ليست أعلى درجة في مجال الترجمة، وتدرجت حتى أصبحت كبير المترجمين الدبلوماسيين في عام 1995، وتتلخص مهمتي في الترجمة لخمس شخصيات بشكل أساسي، هم رئيس الولايات المتحدة ونائب الرئيس ووزير الخارجية، ووزير الدفاع ومستشار الأمن القومي".
وأضاف: "إن من الاجتماعات السياسية المهمة التي غيرت وجه التاريخ كان اللقاء بين جيمس بيكر وزير خارجية الولايات المتحدة وطارق عزيز وزير خارجية العراق، في ذلك الوقت، في مدينة جنيف في التاسع من يناير عام 1991، وهو الاجتماع الذي أدى إلى بداية حرب تحرير الكويت، وكان بالفعل أول اجتماع بهذه الأهمية غير العادية بالنسبة لي".
وقال: "كنا ندرك أن هذا الاجتماع إما أن يقود إلى الحرب أو إلى التراجع عنها، وبالتالي كان هناك نوع من الضغط والتوتر، وكان مقررا أن يدوم الاجتماع ساعة أو ساعتين، لكنه استمر ست ساعات ونصف الساعة، وفي نهايته اتضح للجميع أنه لا مفر من الحرب، ووقف جيمس بيكر أمام عدد كبير من الصحافيين في بهو الفندق معلنا، بأسف، أنه لم يتم إحراز أي تقدم في هذا الاجتماع، وكان بالفعل من الاجتماعات التي لها أهمية بالغة في حياتي".
ويضبف: "الحدث الثاني بنفس الأهمية العالمية من وجهة نظري، كان توقيع اتفاقية أوسلو للسلام بين الرئيس بيل كلينتون والرئيس ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في البيت الأبيض في سبتمبر 1993".
المصدر: صحيفة "الشرق الأوسط"
وقال هلال المصري الأصل، والذي قدم خدمات الترجمة الفورية لأربعة رؤساء و6 وزراء خارجية أميركيين في تصريحات بعد ترك منصبه في وزارة الخارجية الأميركية: "لقد تشرفت بخدمة كثير من الرؤساء ونواب الرئيس والوزراء.. ولكن كل شيء يجب أن ينتهي لإفساح المجال لبدايات جديدة".
ويعد هلال، المولود في مدينة أسيوط بصعيد مصر عام 1954، أحد الثوابت في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط على مدى السنوات الـ19 الماضية، وقدم خدمات الترجمة المباشرة إلى الرؤساء جورج بوش، وبيل كلينتون وجورج دبليو بوش، وأخيرا باراك أوباما، وكان له مقعد رئيسي على أي طاولة في معظم قمم السلام الكبرى، في مدريد أكتوبر 1991، وأوسلو سبتمبر 1993، وواي ريفر بالولايات المتحد (1998) ومحادثات كامب ديفيد عام 2000، وأصبحت له قدم ثابتة في وزارة الخارجية، وأخرى في البيت الأبيض.
وكان غالبا ما يعمل خارج إطار عمله كمترجم، فقد أصبح أحد كبار مستشاري الشرق الأوسط لجميع الرؤساء الذين عمل معهم، وعندما سئل هلال عن توقعاته بالنسبة لاحتمالات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لوى شفتيه قبل أن يمضي في سبيله ويغادر الخارجية الخميس الماضي.
ويعتبر جمال هلال الذي كان يعمل في وظيفة "كبير المترجمين الدبلوماسيين" داخل الإدارة الأميركية، مخزنا متحركا من الأسرار السياسية، حيث حضر خلال عمله كمترجم خاص للرئيس الأميركي، مئات اللقاءات والاجتماعات والجلسات المغلقة خلال فترات 4 رؤساء للولايات المتحدة الأميركية وستة وزراء خارجية وخمسة وزراء دفاع.
وكان دائما هو "لسان" الرئيس الأميركي، نقل عنه قرارات صنعت تاريخا وغيرت مجرى الأحداث وقادت إلى حروب وإلى مفاوضات سلام، فقد كان حاضرا في قرارات الحرب لتحرير الكويت مع جورج بوش الأب، وفي قرار الحرب في العراق مع جورج بوش الابن، وبينهما كان مشاركا دبلوماسيا في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مع الرئيس بيل كلينتون. ومع كل رئيس له ذكريات خاصة وأسرار، وعلاقة تخرج عن الإطار المهني إلى إطار الصداقة والدعوة لزيارات خاصة.
وروى جمال هلال في حوار أجرته معه صحيفة "الشرق الأوسط" قبل أعوام، رحلته من مصر إلى الولايات المتحدة، في بداية السبعينات للدارسة وعلاقته الخاصة جدا بكل رئيس والجانب الآخر الذي لا يعرفه الناس عن هذا الرئيس.
فقد ولد هلال في أسيوط عام 1954، وتخرج في كلية الزراعة، لكن فكرة الهجرة تولدت لديه في المرحلة الإعدادية والثانوية.
يقول إن حلمه كان أن يعمل في منظمة الأمم المتحدة، وبعد تخرجه عام 1976 سافر إلى الولايات المتحدة، حيث بدأ حياته الدراسية والمهنية، وحصل على دبلوم في الدراسات الدولية ثم ماجستير من ولاية فيرمونت في التواصل بين الحضارات.
يقول هلال: "كانت تلك الفترة أصعب فترات حياتي، أتذكر أنني خلال خمس سنوات لم آخذ يوما واحدا إجازة من الدراسة والعمل، عملت في كل الأشغال التي يمكن تخيلها؛ في الحدائق والمطابع والمخيمات، وعملت كمشرف على مبنى في المدينة الجامعية التي أسكن فيها حتى أسدد مبلغا أقل للسكن الجامعي، وكان بإمكاني أن أبدأ حياتي لدى أسرة عمي الذي يقيم في الساحل الغربي في كاليفورنيا، وأنا في الساحل الشرقي، لكني فضلت أن أتحمل المسؤولية بالكامل بالنسبة للدراسة والإعاشة".
وعن بداية العمل في الخارجية يقول: "عملت بعد ذلك في بداية الثمانينات مع زوجة الرئيس جيمي كارتر في برنامج التبادل الثقافي بين مواطني الولايات المتحدة والدول الأخرى، واقترح عليّ أحد الأصدقاء التقدم للعمل في وزارة الخارجية الأميركية، رغم أن تفكيري آنذاك كان منصبا على العمل في الأمم المتحدة. لكنني تقدمت للعمل في مجال الترجمة الشفهية، إذ إن هناك نوعين من الترجمة، الكتابية للوثائق والأوراق، والشفهية الخاصة بالاجتماعات واللقاءات.
ويتذكر أن أول يوم قام فيه بالترجمة للرئيس بوش الأب، أثناء إلقائه خطابا نقلته إذاعة "صوت أميركا".
وقال: "عندما بدأت مع الرئيس بوش كنت مترجما "دبلوماسيا" فقط، وهي ليست أعلى درجة في مجال الترجمة، وتدرجت حتى أصبحت كبير المترجمين الدبلوماسيين في عام 1995، وتتلخص مهمتي في الترجمة لخمس شخصيات بشكل أساسي، هم رئيس الولايات المتحدة ونائب الرئيس ووزير الخارجية، ووزير الدفاع ومستشار الأمن القومي".
وأضاف: "إن من الاجتماعات السياسية المهمة التي غيرت وجه التاريخ كان اللقاء بين جيمس بيكر وزير خارجية الولايات المتحدة وطارق عزيز وزير خارجية العراق، في ذلك الوقت، في مدينة جنيف في التاسع من يناير عام 1991، وهو الاجتماع الذي أدى إلى بداية حرب تحرير الكويت، وكان بالفعل أول اجتماع بهذه الأهمية غير العادية بالنسبة لي".
وقال: "كنا ندرك أن هذا الاجتماع إما أن يقود إلى الحرب أو إلى التراجع عنها، وبالتالي كان هناك نوع من الضغط والتوتر، وكان مقررا أن يدوم الاجتماع ساعة أو ساعتين، لكنه استمر ست ساعات ونصف الساعة، وفي نهايته اتضح للجميع أنه لا مفر من الحرب، ووقف جيمس بيكر أمام عدد كبير من الصحافيين في بهو الفندق معلنا، بأسف، أنه لم يتم إحراز أي تقدم في هذا الاجتماع، وكان بالفعل من الاجتماعات التي لها أهمية بالغة في حياتي".
ويضبف: "الحدث الثاني بنفس الأهمية العالمية من وجهة نظري، كان توقيع اتفاقية أوسلو للسلام بين الرئيس بيل كلينتون والرئيس ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في البيت الأبيض في سبتمبر 1993".
المصدر: صحيفة "الشرق الأوسط"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق